تحولات الهلال والاتحاد- دروس مستفادة للمستقبل الكروي

المؤلف: خالد صائم الدهر09.10.2025
تحولات الهلال والاتحاد- دروس مستفادة للمستقبل الكروي

التحول الملحوظ والغير معهود الذي طرأ على أداء فريق الهلال الأول لكرة القدم في هذا الموسم يستدعي التمعن والتدقيق، بل يجب اعتباره نموذجاً فريداً يستحق الدراسة المتأنية للاستفادة من دروسه القيمة. فالزعيم، الذي كان يُعتبر درة فرق الشرق الأوسط وعملاقاً آسيوياً، انحدر مستواه ليصبح فريقاً متواضعاً في دوري المحترفين السعودي. فقد تجرع حامل لقب الدوري في الموسم الماضي سلسلة من الهزائم المذلة، حيث سقط أمام غريمه التقليدي الاتحاد برباعية قاسية، وتلقى ثلاثية موجعة من النصر، ومثلها من الأهلي، بالإضافة إلى ثنائية من القادسية. والأدهى من ذلك، توديعه المبكر لدوري أبطال آسيا وكأس خادم الحرمين الشريفين، مما يعكس تدهوراً فنياً ونفسياً وذهنياً واضحاً داخل المستطيل الأخضر، وهو ما يتناقض كلياً مع صورته المهيبة في الموسم الماضي، عندما كان فريقاً عصياً على الهزيمة يهزم منافسيه بسهولة واقتدار.

أتذكر جيداً ما ذكره أحد أعضاء الجمعية العمومية بنادي الهلال، عندما أشار إلى وجود بؤر من المشاكل الداخلية المتراكمة، وعلى رأسها عدم انعقاد اجتماعات داخلية منذ فترة طويلة، وهي الاجتماعات التي كانت تشكل منبراً حيوياً لمناقشة الأسباب الكامنة وراء التذبذب المخيف في مستوى الفريق، واقتراح الحلول الناجعة للخروج من هذه الأزمة الخانقة.

وأود أن أضيف إلى ما سبق، التخبطات الواضحة للمدرب خيسوس في رسم التشكيلة الأساسية للفريق وإجراء التغييرات المتكررة، بالإضافة إلى ضعف مقاعد البدلاء وعدم وجود لاعبين قادرين على تعويض غياب العناصر الأساسية، والدليل القاطع على ذلك هو التأثير السلبي الكبير الذي خلفه غياب المهاجم الفذ ميتروفيتش. والأهم من كل ذلك، هو الغياب الملحوظ لروح الحماس والإصرار لدى اللاعبين وتراجع مستوى تركيزهم الذهني، وهذا ما لا نتمناه على الإطلاق في بطولة كأس العالم للأندية المقبلة، حيث نأمل أن نرى الهلال الذي عهدناه في الموسم الماضي، الفريق الذي يقاتل بشراسة ويحقق الانتصارات تلو الانتصارات.

ما أشرت إليه في مقدمة هذا المقال، هو بمثابة رسالة صريحة ومباشرة لإدارة نادي الاتحاد وجهازه الفني ولاعبيه، لكي يتعظوا من تجربة الهلال المريرة ويتجنبوا الوقوع في نفس الأخطاء والمطبّات في الموسم القادم.

فالاتحاد، الذي توّج بلقب «بطل الموسم» عن جدارة واستحقاق بعد جمعه لقبي الدوري والكأس في خزانة بطولاته، والذي لم يتجرع طعم الهزيمة على أرضه طوال الموسم، واستطاع أن يتغلب على جميع منافسيه في المواجهات المباشرة، يمثل خير دليل على قوته الجبارة وتفوقه الكاسح في هذا الموسم الاستثنائي بكل المقاييس.

الدوري السعودي للمحترفين على أعتاب موسم جديد حافل بالتحديات والصعوبات كعادته، ولكي يتمكن الاتحاد من الحفاظ على مكانته المرموقة وتعزيز قوته، يجب عليه أن يصون مكتسباته الإدارية والفنية والمعنوية. أقصد بالمكتسبات المعنوية، تعزيز الأجواء الأسرية والأخوية بين اللاعبين والجهازين الفني والإداري داخل أروقة النادي وغرفة تبديل الملابس، لأن هذه الأجواء الإيجابية تنعكس بشكل مباشر وقوي على الأداء داخل الملعب. أما المكتسبات الفنية، فتكمن في تدعيم مقاعد البدلاء بلاعبين سعوديين متميزين، نظراً لكثرة المشاركات المحلية والقارية التي تنتظر الفريق، وهو ما يتطلب جاهزية جميع اللاعبين. بالإضافة إلى الحفاظ على الانسجام والتناغم بين اللاعبين الأجانب والمحليين مع الجهاز الفني داخل وخارج الملعب، حيث يمتلك الفريق حالياً كوكبة من أفضل اللاعبين على مستوى الدوري السعودي.

وفيما يتعلق بالمكتسبات الإدارية، فإنها تتجسد في الحفاظ على استقرار إدارة النادي برئاسة المهندس لؤي مشعبي، وتمكينها من إكمال المسيرة التي بدأتها مع الاتحاد وتحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات.

وأخيراً، لا يمكننا أن نغفل عن ذكر اللاعب رقم واحد، وهو الجمهور الوفي الذي ما زال يدهش الجميع بأرقامه القياسية ودعمه المتواصل، والذي يعتبر السبب الرئيسي في تفوق اللاعبين وتحقيقهم للبطولات والألقاب.

.. وللحديث بقية

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة